روائع مختارة | قطوف إيمانية | في رحاب القرآن الكريم | ـ وَجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء قُلْ سَمُّوهُمْ ـ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > في رحاب القرآن الكريم > ـ وَجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء قُلْ سَمُّوهُمْ ـ


  ـ وَجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء قُلْ سَمُّوهُمْ ـ
     عدد مرات المشاهدة: 2532        عدد مرات الإرسال: 0


قال تعالى: {أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي الأَرْضِ أَم بِظَاهِرٍ مِّنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ مَكْرُهُمْ وَصُدُّواْ عَنِ السَّبِيلِ وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [الرعد:33].

الله عز وجل هو قيوم السماوات والأرض، وهو سبحانه الحفيظ على النفوس، الذي يعلم كنهها وخباياها، ولذا إستفهم على المشركين مستنكرا -سبحانه- أن يعبدوا معه من لا يعلم ولا يملك.

يقول ابن كثير: يقول تعالى: {أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} أي: حفيظ عليم رقيب على كل نفس منفوسة، يعلم ما يعمل العاملون من خير وشر، ولا يخفى عليه خافية، {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ} [يونس:61]، وقال تعالى: {وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا} [الأنعام:59]، وقال: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} [هود:6] وقال: {سَوَاء مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ} [الرعد:10]، وقال: {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} [طه:7] وقال: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الحديد:4]، أفمن هو هكذا كالأصنام التي يعبدونها لا تسمع ولا تبصر ولا تعقل، ولا تملك نفعا لأنفسها ولا لعابديها، ولا كشف ضر عنها ولا عن عابديها؟ وحذف هذا الجواب إكتفاء بدلالة السياق عليه، وهو قوله: {وجعلوا لله شركاء} أي: عبدوها معه، من أصنام وأنداد وأوثان -تفسير ابن كثير 4/463.

ويقول البغوي يقول تعالى: {أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} أي: حافظها، ورازقها، وعالم بها، ومجازيها بما عملت، وجوابه محذوف، تقديره: كمن ليس بقائم بل عاجز عن نفسه -تفسير البغوي 4/322.

والمشركون في حقيقة الأمر كذابون متوهمون، لا دليل لهم ولا علم ولا برهان على إدعائهم لآلهتهم، ولذا تحداهم الله عز وجل أن يسموا هذه الآلهة، بسماتها وصفاتها ومؤهلاتها، وإستحقاقها لأن تنازع الله رب العالمين.

يقول ابن كثير يقول تعالى: {قل سموهم} أي: أعلمونا بهم، وإكشفوا عنهم حتى يُعرفوا، فإنهم لا حقيقة لهم، ولهذا قال: {أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض} أي: لا وجود له، لأنه لو كان له وجود في الأرض لعلمها، لأنه لا تخفى عليه خافية.

{أم بظاهر من القول} قال مجاهد: بظن من القول، وقال الضحاك وقتادة: بباطل من القول، أي إنما عبدتم هذه الأصنام بظن منكم أنها تنفع وتضر، وسميتموها آلهة، {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى} [النجم:23] -تفسير ابن كثير 4/464.

ويقول البغوي يقول تعالى: {وجعلوا لله شركاء قل سموهم} بينوا أسماءهم، وقيل: صفوهم ثم إنظروا: هل هي أهل لأن تعبد؟ {أم تنبئونه} أي: تخبرون الله تعالى: {بما لا يعلم في الأرض} فإنه لا يعلم لنفسه شريكا ولا في الأرض إلها غيره {أم بظاهر} يعني: أم تتعلقون بظاهر {من القول} مسموع، وهو في الحقيقة باطل لا أصل له -تفسير البغوي 4/322.

ويقول ابن عاشور: وجملة قل سموهم إستئناف أعيد معها الأمر بالقول لإسترعاء الأفهام لوعي ما سيذكر، وهذه كلمة جامعة، أعني جملة سموهم، وقد تضمنت ردا عليهم، فالمعنى: سموهم شركاء فليس لهم حظ إلا التسمية، أي دون مسمى الشريك، فالأمر مستعمل في معنى الإباحة كناية عن قلة المبالاة بدعائهم أنهم شركاء، مثل {قُل كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا} [الإسراء: 50]، وكما تقول للذي يخطئ في كلامه: قل ما شئت، والمعنى: إن هي إلا أسماء سميتموها لا مسميات لها بوصف الإلهية لأنها حجارة لا صفات لها من صفات التصرف -التحرير والتنوير 14/149.

ولما تأكد عجز المشركين عن الإتيان بالحجة والبرهان أثبت الله عز وجل حقيقتهم، وأنهم يعيشون على باطل مزين، وزخرف من القول، فقال سبحانه: {بل زين للذين كفروا مكرهم}.

يقول ابن كثير يقول تعالى: {بل زين للذين كفروا مكرهم} قال مجاهد: قولهم، أي: ما هم عليه من الضلال والدعوة إليه آناء الليل وأطراف النهار، كما قال تعالى: {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاء فَزَيَّنُوا لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ} [فصلت:25]، {وصدوا عن السبيل}: من قرأها بفتح الصاد، معناه: أنهم لما زين لهم ما فيه وأنه حق، دعوا إليه وصدوا الناس عن إتباع طريق الرسل، ومن قرأها (وصدوا) أي: بما زين لهم من صحة ما هم عليه، صدوا به عن سبيل الله، ولهذا قال: {ومن يضلل الله فما له من هاد}، كما قال: {وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا} [المائدة: 41] وقال: {إِن تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي مَن يُضِلُّ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ} [النحل: 37] تفسير ابن كثير 4/ 464.

وقال البغوي يقول تعالى: {بل زين للذين كفروا مكرهم} كيدهم، وقال مجاهد: شركهم وكذبهم على الله، {وصدوا عن السبيل} أي: صرفوا عن الدين، {ومن يضلل الله} بخذلانه إياه {فما له من هاد} -تفسير البغوي 4/322.

نعوذ بالله من أن نشرك به ونحن نعلم، ونستغفره لما لا نعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

المصدر: موقع دعوة الأنبياء.